أخرجه البخاري ( 5673 )،
ومسلم ( 2816 ) من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه،
قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
يَقُولُ: "لَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا عَمَلُهُ الْجَنَّةَ". قَالُوا: وَلَا
أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "لَا، وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ
يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِفَضْلٍ وَرَحْمَةٍ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا
وَلَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ؛ إِمَّا مُحْسِنًا فَلَعَلَّهُ
أَنْ يَزْدَادَ خَيْرًا، وَإِمَّا مُسِيئًا فَلَعَلَّهُ أَنْ
يَسْتَعْتِبَ". وهذا الحديث يدل على أن دخول الجنة لا يكون بمجرد العمل، بل
لولا رحمة الله
وفضله لما دخل الجنة أحد؛ لأن الأعمال مهما بلغت لا تُقاوِم نِعَمَ
اللهِ التي أنعم بها على عباده؛ حيث أوجدهم من العدم، ورزقهم من الطيبات،
وأسبغ عليهم نعمه ظاهرة وباطنة، وهداهم إلى الإيمان، ووفقهم للأعمال
الصالحة، وفي الحديث: " لَوْ أَنَّ اللَّهَ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ
وَأَهْلَ أَرْضِهِ عَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ ". أخرجه أبو
داود (4699)، وابن ماجه (77). وعلى هذا فدخول الجنة ليس عوضًا عن العمل ولا
مقابلة به، فمن شهد له النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بدخول
الجنة ومنهم العشرة المبشرون بالجنة، فدخولهم الجنة برحمة الله وفضله،
ولكن أعمالهم الصالحة سبب لدخولهم الجنة، قال الله تعالى:
(ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)[النحل: 32]. وقال
تعالى: (وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ
تَعْمَلُونَ)[الأعراف: 43]. وقال تعالى: (أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا
كَانُوا يَعْمَلُونَ)[السـجدة: 19]. وقال تعالى: (كُلُوا وَاشْرَبُوا
هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)[الطور: 19]. فالباء الواردة في
الآيات هي باء السببية، أي أن الله سبحانه وتعالى يدخل عباده
المؤمنين الجنة بسبب أعمالهم. قال شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله، بعد
أن ذكر هذه النصوص ونظائرها: (فبين بهذه النصوص أن العمل سبب للثواب،
والباء للسبب كما في مثل قوله تعالى: (فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ
فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ)[الأعراف: 57]. وقوله: (وَمَا
أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ
مَوْتِهَا)[البقرة: 164]. ونحو ذلك مما يبين به الأسباب، ولا ريب أن العمل
الصالح سبب لدخول الجنة، والله قدر لعبده المؤمن وجوب الجنة بما ييسره له
من العمل الصالح، كما قدر دخول النار لمن يدخلها بعمله السيئ،
كما في الصحيحين عن النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: "مَا
مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنْ النَّارِ
وَمَقْعَدُهُ مِنْ الْجَنَّةِ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا
نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا وَنَدَعُ الْعَمَلَ؟ قَالَ: "اعْمَلُوا فَكُلٌّ
مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ، أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ
فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ
أَهْلِ الشَّقَاءِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ". ثُمَّ
قَرَأَ: (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى...)
الْآيَةَ. البخاري (4949) ومسلم (2647). وقال: "إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ
لِلْجَنَّةِ أَهْلًا خَلَقَهُمْ لَهَا وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ،
وَخَلَقَ لِلنَّارِ أَهْلًا خَلَقَهُمْ لَهَا وَهُمْ فِي أَصْلَابِ
آبَائِهِمْ ". أخرجه مسلم (2662). وإذا عرف أن الباء هنا للسبب فمعلوم أن
السبب لا يستقل بالحكم، فمجرد نزول المطر ليس موجبًا للنبات، بل لابد من أن
يخلق الله
أمورًا أخرى ويدفع عنه الآفات المانعة فيربيه بالتراب والشمس والريح ويدفع
عنه ما يفسده، فالنبات محتاج مع هذا السبب إلى فضل من الله أكبر
منه. وأما قوله صلى الله عليه
وسلم: "لَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا عَمَلُهُ الْجَنَّةَ". قَالُوا: وَلَا أَنْتَ
يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "لَا، وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ
يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِفَضْلٍ وَرَحْمَةٍ". فإنه ذكره في سياق أمره لهم
بالاقتصاد قال: سددوا وقاربوا واعلموا أن أحدًا منكم لن يدخل الجنة
بعمله. وقال: "إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ
إِلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا وَاسْتَعِينُوا
بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنْ الدُّلْجَةِ". أخرجه البخاري
(39). فنفى بهذا الحديث ما قد تتوهمه النفوس من أن الجزاء من الله عز وجل
على سبيل المعاوضة والمقابلة كالمعاوضات التي تكون بين الناس في الدنيا،
فإن الأجير يعمل لمن استأجره فيعطيه أجره بقدر عمله على طريق المعاوضة؛ إن
زاد زاد أجرته، وإن نقص نقص أجرته، وله عليه أجرة يستحقها كما يستحق البائع
الثمن، فنفى صلى
الله عليه وسلم أن يكون جزاء الله وثوابه
على سبيل المعاوضة والمقابلة والمعادلة، والباء هنا كالباء الداخلة في
المعاوضات، كما يقال: استأجرت هذا بكذا، وأخذت أجرتي بعملي.
وإذا تبين ذلك أفاد هذا الحديث ألا يعجب العبد بعمله، بل يشهد نعم الله عليه
وإحسانه إليه في العمل، وأنه لا يستكثر العمل، فإن عمله لو بلغ ما بلغ، إن
لم يرحمه الله
ويعف عنه ويتفضل عليه، لم يستحق به شيئا)[ رسالة ابن تيمية في دخول الجنة (
ص: 47، 50 ) ].
وينظر: [ رسالة ابن تيمية في دخول الجنة، مفتاح دار السعادة ( 1/8، 10 )،
ومدارج السالكين ( 1/94، 96 ) لابن القيم، فتح الباري لابن حجر (11/294 –
297)]. هذا والله أعلم.
دمتم بود
الهي سبحانك
غنيا عنا وعن عبادتنا
ونحن الفقراء
والمحتاجين اليك
سبحانك قادر ان
تذهبنا وتاتي بخلقا جديد
فارحمنا
يالله برحمتك واجعلنا من عبادك الصالحين
لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين
أخرجه البخاري ( 5673 )،
ومسلم ( 2816 ) من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه،
قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
يَقُولُ: "لَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا عَمَلُهُ الْجَنَّةَ". قَالُوا: وَلَا
أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "لَا، وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ
يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِفَضْلٍ وَرَحْمَةٍ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا
وَلَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ؛ إِمَّا مُحْسِنًا فَلَعَلَّهُ
أَنْ يَزْدَادَ خَيْرًا، وَإِمَّا مُسِيئًا فَلَعَلَّهُ أَنْ
يَسْتَعْتِبَ". وهذا الحديث يدل على أن دخول الجنة لا يكون بمجرد العمل، بل
لولا رحمة الله
وفضله لما دخل الجنة أحد؛ لأن الأعمال مهما بلغت لا تُقاوِم نِعَمَ
اللهِ التي أنعم بها على عباده؛ حيث أوجدهم من العدم، ورزقهم من الطيبات،
وأسبغ عليهم نعمه ظاهرة وباطنة، وهداهم إلى الإيمان، ووفقهم للأعمال
الصالحة، وفي الحديث: " لَوْ أَنَّ اللَّهَ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ
وَأَهْلَ أَرْضِهِ عَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ ". أخرجه أبو
داود (4699)، وابن ماجه (77). وعلى هذا فدخول الجنة ليس عوضًا عن العمل ولا
مقابلة به، فمن شهد له النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بدخول
الجنة ومنهم العشرة المبشرون بالجنة، فدخولهم الجنة برحمة الله وفضله،
ولكن أعمالهم الصالحة سبب لدخولهم الجنة، قال الله تعالى:
(ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)[النحل: 32]. وقال
تعالى: (وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ
تَعْمَلُونَ)[الأعراف: 43]. وقال تعالى: (أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا
كَانُوا يَعْمَلُونَ)[السـجدة: 19]. وقال تعالى: (كُلُوا وَاشْرَبُوا
هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)[الطور: 19]. فالباء الواردة في
الآيات هي باء السببية، أي أن الله سبحانه وتعالى يدخل عباده
المؤمنين الجنة بسبب أعمالهم. قال شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله، بعد
أن ذكر هذه النصوص ونظائرها: (فبين بهذه النصوص أن العمل سبب للثواب،
والباء للسبب كما في مثل قوله تعالى: (فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ
فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ)[الأعراف: 57]. وقوله: (وَمَا
أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ
مَوْتِهَا)[البقرة: 164]. ونحو ذلك مما يبين به الأسباب، ولا ريب أن العمل
الصالح سبب لدخول الجنة، والله قدر لعبده المؤمن وجوب الجنة بما ييسره له
من العمل الصالح، كما قدر دخول النار لمن يدخلها بعمله السيئ،
كما في الصحيحين عن النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: "مَا
مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنْ النَّارِ
وَمَقْعَدُهُ مِنْ الْجَنَّةِ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا
نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا وَنَدَعُ الْعَمَلَ؟ قَالَ: "اعْمَلُوا فَكُلٌّ
مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ، أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ
فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ
أَهْلِ الشَّقَاءِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ". ثُمَّ
قَرَأَ: (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى...)
الْآيَةَ. البخاري (4949) ومسلم (2647). وقال: "إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ
لِلْجَنَّةِ أَهْلًا خَلَقَهُمْ لَهَا وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ،
وَخَلَقَ لِلنَّارِ أَهْلًا خَلَقَهُمْ لَهَا وَهُمْ فِي أَصْلَابِ
آبَائِهِمْ ". أخرجه مسلم (2662). وإذا عرف أن الباء هنا للسبب فمعلوم أن
السبب لا يستقل بالحكم، فمجرد نزول المطر ليس موجبًا للنبات، بل لابد من أن
يخلق الله
أمورًا أخرى ويدفع عنه الآفات المانعة فيربيه بالتراب والشمس والريح ويدفع
عنه ما يفسده، فالنبات محتاج مع هذا السبب إلى فضل من الله أكبر
منه. وأما قوله صلى الله عليه
وسلم: "لَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا عَمَلُهُ الْجَنَّةَ". قَالُوا: وَلَا أَنْتَ
يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "لَا، وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ
يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِفَضْلٍ وَرَحْمَةٍ". فإنه ذكره في سياق أمره لهم
بالاقتصاد قال: سددوا وقاربوا واعلموا أن أحدًا منكم لن يدخل الجنة
بعمله. وقال: "إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ
إِلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا وَاسْتَعِينُوا
بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنْ الدُّلْجَةِ". أخرجه البخاري
(39). فنفى بهذا الحديث ما قد تتوهمه النفوس من أن الجزاء من الله عز وجل
على سبيل المعاوضة والمقابلة كالمعاوضات التي تكون بين الناس في الدنيا،
فإن الأجير يعمل لمن استأجره فيعطيه أجره بقدر عمله على طريق المعاوضة؛ إن
زاد زاد أجرته، وإن نقص نقص أجرته، وله عليه أجرة يستحقها كما يستحق البائع
الثمن، فنفى صلى
الله عليه وسلم أن يكون جزاء الله وثوابه
على سبيل المعاوضة والمقابلة والمعادلة، والباء هنا كالباء الداخلة في
المعاوضات، كما يقال: استأجرت هذا بكذا، وأخذت أجرتي بعملي.
وإذا تبين ذلك أفاد هذا الحديث ألا يعجب العبد بعمله، بل يشهد نعم الله عليه
وإحسانه إليه في العمل، وأنه لا يستكثر العمل، فإن عمله لو بلغ ما بلغ، إن
لم يرحمه الله
ويعف عنه ويتفضل عليه، لم يستحق به شيئا)[ رسالة ابن تيمية في دخول الجنة (
ص: 47، 50 ) ].
وينظر: [ رسالة ابن تيمية في دخول الجنة، مفتاح دار السعادة ( 1/8، 10 )،
ومدارج السالكين ( 1/94، 96 ) لابن القيم، فتح الباري لابن حجر (11/294 –
297)]. هذا والله أعلم.
دمتم بود
الهي سبحانك
غنيا عنا وعن عبادتنا
ونحن الفقراء
والمحتاجين اليك
سبحانك قادر ان
تذهبنا وتاتي بخلقا جديد
فارحمنا
يالله برحمتك واجعلنا من عبادك الصالحين
لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين